د محمد بن عبدالله السريّع، المحاضر في قسم السنة وعلومها
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبي الله، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فإنَّ بالباحثين في التراث وشؤونه وما إليه حاجةً مَسِيسةً إلى مسالكَ تُنفِذهم إلى أغراضهم منه، بأقلَّ ما يمكن من جهد، وأسرعَ ما يمكن من وقت، إذ الأصلُ أن تُستنفَدَ الطاقاتُ والأوقاتُ في العملِ التراثيِّ نفسِه نظرًا وتحريرًا، وأن تُعطَى مقدِّماتُه جزءًا مقصورًا من ذلك، دون أن تَغلِبَ عليه.
والواقعُ المشاهدُ والمحكيُّ يَقُصُّ أن أساتذةَ التراث الكبار، عربًا ومستعربين، لم يكونوا ليبلغوا مَبالغَهم فيه لولا ما تيسَّرت لهم المادةُ العلميةُ دلالةً، وترتيبًا، وإتاحةً، وإعانةً في ذلك وفي غير ذلك، فكانت أنظارهم مُعمَلَةً في المادةِ نفسِها في الجُلِّ الأغلب، ومن ثم تمكَّنت قدراتُهم في أنفسِهم أولًا، ثم ارتفعت مرتبةُ عطاءاتهم لتكون من أرقى العطاءات.
والباحثون اليوم أشدُّ افتقارًا إلى المعونة في الجوانب المذكورة، نظرًا لاتِّساع رقعة المعلومات التراثية، والاضطرار إلى مضاعفة الجهد في جمعها وتقريبها، ليساعدهم ذلك على الإضافة العلمية المفيدة، وعلى دراسة القضايا الأدق والأعمق، مما لم تطرقْه يد البحث من قبلُ، أو لم تتمرَّسْ فيه.
ومع تعدُّد الأعمال في تلك المهمَّات الجليلة من التكامل العلمي التراثي، وتفاوتها عُمرًا وحجمًا وموقعًا، إلا أن مِن أبرزها في الآونة الأخيرة: المركز المبارك (مركز أمجاد للمخطوطات ورعاية الباحثين)، الذي يخطو خطواتٍ واثقةً للجدارة بالمحل الأبرز بين المراكز والمؤسسات المشابهة، بل يكاد.
وقد جرَّبتُ المركز عن قرب، وتعاملتُ معه في فهارسه، وخزانته المباركة، وتابعتُ مناشطَه وجهودَه، فوجدتُ فيه خيرَ مُعينٍ لطلبة العلم المتهمِّمين بالتراث في كافة مجالاته، الساعين إلى خدمته وإبرازه، وإبراز أمجاد أمتنا الإسلامية من خلاله.
وإني، إذن، لَأدعوهم إلى الإفادة من هذا المركز بمختلف أقسامه وفروعه، وإفادة أترابهم وأضرابهم به، ودلالة الأساتذة والباحثين عليه، وأدعو كل من يمكن له دعم المركز إلى دعمه بالطريقة التي تناسبه وتتيسَّر له.
راجيًا للمركز دوامَ الرقي والتطور والعطاء، وللقائمين عليه دوامَ التوفيق والبركة والسداد.
والله ولي الهداية والإرشاد، وهو نعم المعين.
وكتب:
محمد بن عبدالله السريّع
المحاضر في قسم السنة وعلومها
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة القصيم
19 شعبان 1440هـ