ابحث في الفهارس

إسهامًا من المركز في تسهيل عملية البحث وإرشاد الباحثين للمخطوطات ونسخها؛ فقد أتاح المركز قاعدة بياناته للباحثين، لإيمانه أن أولى عمليات التحقيق الجادة تبدأ بمعرفة نسخ الكتاب.

القاضي عياض ونظراته في منهج تحقيق المخطوط - عباس أرحيلة

ملخص المقال

يتناول الكاتب في هذا المقال نظرات في فن تحقيق النصوص أوردها القاضي عياض في كتابه (الإلماع إلي معرفة أصول الرواية وتقييد السماع)، وتحدث الكاتب في بداية المقالة عن القاضي عياض موسي بن عياض ( 479- 554هـ) الذي ألف في شرح الحديث ثلاثة كتب، ولقد لاحظ عياض أن الكتب في عصره قد لحقها الفساد وشاع فيها التحريف والتصحيف.
يوضح الكاتب أهمية دور علماء الحديث في رعاية السنة النبوية، واهتمامهم بوضع قواعد لقبول الحديث والإثبات التاريخي للأحاديث، كما قلدهم العلماء في أكثر الفنون النقلية.
ولقد أشار الكاتب لأهم العلماء الذين صنفوا في قواعد أصول علم الحديث قبل القاضي عياض، منهم: الرامهرمزي والذي يُعد أول من صنف في هذا الفن ، ويُعد القاضي عياض أول مؤلف يتناول هذا المجال في المغرب، ويذكر المحقق (السيد أحمد صقر) أن عياض قد جمع مواد كتابه من مؤلفات المشارقة، ولا سيما للمحدث الفاصل الرامهرمزي وكتب أخري.
يذكر الكاتب أن عياض قد وضع عدة أوجه لأخذ الحديث النبوي في ثمانية أنواع:
الأولى: السماع من لفظ الشيخ حين يملي أو يحدث من حفظه أو يقرأ من كتابه.
الثانية: القراءة علي الشيخ أو الاستماع إليه.
الثالثة: المناولة.
الرابعة: الكتابة.
الخامسة: الأجازة.
السادسة: الأعلام.
السابعة: وصية الشيخ.
الثامنة : الخط.
كما تناول الكاتب مصطلح الوجادة، وما قاله عياض في ذلك من اختلاف أئمة الحديث والفقه والأصول في العمل بما وجد من الحديث بالخط المحقق لإمام، مع اتفاقهم علي منع النقل والرواية به، كما أوضح عياض في كتابه أنه لتشعب الأسانيد وطولها وضعف الذاكرة وامتداد المجال الجغرافي للعالم الإسلامي وتنوع المعرفة واتساعها، أصبح طالب العلم مطالب بتحقيق النصوص وتخريجها وضبطها بشكل يقارب الأصل.
كما يسعى الكاتب لإيضاح أن الهدف الجوهري من التحقيق العلمي للمخطوط اليوم هو أن تقدم قراءة صحيحة له تراعي فيها الدقة والضبط وفهرسة محتوياته، فالمبدأ الأول في تحقيق النص هو الحرص علي توثيقه والتشدد في تصحيحه، فالمحقق اليوم كما كان بالأمس يجمع نسخ المخطوط، ويرتبها من حيث أهميتها، ثم لابد من المفاضلة بينها ومن البداهة أن يكون أساس المفاضلة نابع من طبيعتها وأهميتها بالقياس لغيرها، فيرى عياض أنه يقابل نسخته من الأصل بنفسه حرفاً حرفاً حتى يكون علي ثقة ويقين من معارضتها به ومطابقتها له ولا ينخدع، حيث تعتري الانسان عوارض النسيان والسهو وآفة التصحيف.
كما يشير الكاتب أن عياض قد وضع باباً في كتابه عن ضبط اختلاف الروايات والعمل في ذلك وأكد فيه ضرورة اتقان ذلك الضبط ومعرفته وتمييزه وإلا اختلفت الروايات، فأمام تعدد النسخ يجب ترتيبها، واختيار واحدة نتخذها نسخة أصلية، وقد اصطلح علي تسميتها بالنسخة الأم ولعل عياض أول من استعمل هذا المصطلح، فالنسخة الأم اقرب لروح المؤلف.
كما يوضح الكاتب أن عياض لاحظ أن أكثر الأشياخ يحترمون النص وينقلون الرواية كما وصلت إليهم وسمعوها ولا يغيرونها في كتبهم ولكن أهل المعرفة منهم ينبهون علي الخط الموجود فيها، ومنهم من يجري علي الاصلاح مثل القاضي أبا الوليد هشام الوقشي، ولقد دعا عياض أهل العلم إلي ضرورة التنبيه علي الخطأ عند السماع والقراءة وفي حواشي الكتاب حرصاً منه علي سلامة النص وصيانته، ولقد قدم عياض الطريقة السليمة للأشياخ في التصحيح في عدة خطوات.
كما اهتم عياض بوضع باباً عن الطريقة المتبعة في المغرب والأندلس في تخريج الملحقات لما سقط في الأصول، كما وضع كيفية التعامل مع حالات الزيادة دون طمس للمكتوب والتعامل مع وقوع تكرار في كلمتين.
ويبرز الكاتب في خاتمة المقالة دور العرب في الاهتداء للقواعد في مقابلة النصوص المختلفة والوصول بها للدرجة القصوي من الصحة، كما يوضح أهمية كتاب عياض (الإلماع) الذي تناوله في المقالة، وأنه يمثل جهود علماء الحديث في تدوين قواعد تحقيق النصوص.
والبحث منشور في مجلة عالم الكتب – يناير 1995م.


تحميل المقال

مع تحيات قسم النشر الإلكتروني بمركز أمجاد للمخطوطات ورعاية الباحثين

القاضي عياض ونظراته في منهج تحقيق المخطوط - عباس أرحيلة