ابحث في الفهارس

إسهامًا من المركز في تسهيل عملية البحث وإرشاد الباحثين للمخطوطات ونسخها؛ فقد أتاح المركز قاعدة بياناته للباحثين، لإيمانه أن أولى عمليات التحقيق الجادة تبدأ بمعرفة نسخ الكتاب.

التعقيبة في المخطوط العربي - د أحمد شوقي بنبين

التعقيبة في المخطوط العربي، للدكتور أحمد شوقي بنبين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتناول المقال موضوع هام في مجال المخطوطات، ألا وهو التعقيبة، فيرى الكاتب أن دراسة المخطوطات بصورة دقيقة والتعرف على جميع ملامحها ومكوناتها لا يزال في بدايته، على الرغم من العديد من المجهودات التي قام بها بعض الأفراد والجماعات في المراكز العلمية الأوربية.

كما يرى الكاتب أن الباحثين العرب الجدد لم يستطيعوا ملء هذا الفراغ، حيث لم يقوموا بدراسة المخطوط بشكل مادي، بل اقتصروا على تناول متون ونصوص المخطوطات، على العكس من المخطوطات الغربية، فلقد خطى المخطوط الغربي خطوات كبيرة في هذا المجال، لذا فيجب على الباحثين العرب والمستشرقين أن يقتدوا بتجارب علماء الغرب وأن يستفيدوا منها في علم المخطوطات.

يُعرف الكاتب في مقالته التعقيبة: بأنها نوع من الترقيم استعمله القدماء لترتيب المؤلفات من جهة، كما تساعد المختصين في صناعة المخطوط كالمترجمين والمسفرين وسواهم في ترتيب ملازم المخطوط من جهة أخرى، ولم توجد التعقيبة في المخطوطات العربية فقط، بل وجدت في مخطوطات اللغات الأخرى.

ثم يحاول الكاتب التعرف على بداية ظهور التعقيبة، فقد كانت معروفة في اللغات السامية وفي بعض اللغات الهندية الأوربية في العصر القديم، ثم اختفت في القرون المسيحية الأولى وطوال العصر الوسيط، ثم تعود في عهد النهضة الأوربية الأولى في القرن الثاني الميلادي، ثم انتشرت في مختلف اللغات الغربية قبل عصر النهضة الحديثة، كما ظهرت أيضاً في اللوحات الطينية، فلقد انتشرت التعقيبة في مخطوطات اللغات القديمة.

ثم يتساءل الكاتب عن السبب الذي دفع النساخ اللاتنينيين إلي الانتقال من الترقيم بالأرقام ثم الحروف إلى الترقيم بالتعقيبة، ويذكر الكاتب أن الباحثون أجمعوا على أن استعمال نظام التعقيبة بدأ في العالم اللاتيني منذ القرن الحادي عشر الميلادي، كما أن أولى الدول الغربية التي استعملت مبكراً التعقيبة في ترتيب المخطوطات هي أسبانيا وإيطاليا، ومنها انتقلت هذه التقنية لباقي اللغات الغربية، ويتساءل أيضاً الكاتب عن كيفية اهتداء كل من أسبانيا وإيطاليا إلي نظام التعقيبة في المخطوطات في مدة مبكرة، فقد يكون أثر أحدهما في الآخر، أو قد يكون أخذ كلاهما في نفس الوقت من مصدر واحد، فيرى الكاتب أن احتمال ظاهرة التأثير والتأثر احتمال مستبعد لتباعد البلدين جغرافياً، كما لا يوجد علاقة ثقافية بين البلدين، لذا يحتمل أن يكونا قد أخذا التعقيبة من مصدر واحد.

سعى الكاتب لمعرفة المصدر الذي أخذا عنه إيطاليا وأسبانيا نظام التعقيبة، فمن خلال بحث الكاتب وجد أن للدولتين الأوربيتين معاً علاقات اجتماعية وثقافية مع العرب منذ أواخر القرن الأول الهجري لأسبانيا، والقرن الثاني الهجري بالنسبة لإيطاليا، فقد كان يمتلك العرب نشاطاً ثقافياً كبيراً خاصة في مجال الترجمة، والتي لعبت دور كبير وأساسي في تطوير الحضارة الغربية، وبالتالي فمن المحتمل أن تكون طرق نساخة المخطوطات بما في ذلك التعقيبة قد دخلت بنفس تلك الطريقة.

كما يوضح الكاتب بداية ظهور التعقيبة في المخطوطات العربية، فلم تظهر إلا بعد القرن الرابع الهجري، وأن النساخ العرب المسلمين لم يستعملوا أية وسائل أخري لترقيم المخطوط، كما أشار الكاتب إلي مجموعة من مخطوطات قديمة قد ظهرت فيها التعقيبة منها: نسخة من ديوان الفرزدق بها تعقيبة، وقد نسخت عام 331هـ، كما يشير الكاتب إلي تنوع مناهج استخدام التعقيبة عند المؤلفين العرب القدامي، ولقد أرجع الكاتب هذا الاختلاف لاختلاف مراكز النسخ التي تمت فيها نساخة تلك المخطوطات، على الرغم من أنها تمت في زمن واحد.

كما يرى الباحث أن تحديد أنماط التعقيبة في المخطوط العربي يدعو إلى وضع نوع من الفهارس أو الكشافات، يسمى فهرس أو كشاف المخطوطات المنسوخة في المكان الواحد، كما يحدث بالنسبة إلي المكتبات والمراكز العلمية في وضع فهارس خاصة للمخطوطات المؤرخة، فهذه الكشافات هي الوسيلة الوحيدة التي تمكن الكوديكولوجي أو المختص في علم المخطوطات من دراسة هذه التقنية وأنواع استعمالاتها في المخطوط العربي.

والبحث منشور في مجلة عالم الكتب - سبتمبر 1993م.

تحميل المقال

مع تحيات قسم النشر الإلكتروني بمركز أمجاد للمخطوطات ورعاية الباحثين

التعقيبة في المخطوط العربي - د أحمد شوقي بنبين